يوسف الحداد♦
اكتسبت الكلمة المتلفزة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، في الثالث عشر من شهر يوليو الجاري، أهميتها من جوانب عدة؛ أولها الدور الحيوي الذي باتت تضطلع به دولة الإمارات، سواء في الاقتصاد العالمي أو أسواق الطاقة أو الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وثانيها دور الشيخ محمد بن زايد في صناعة القرار الإقليمي والدولي وإنهاء النزاعات والاضطلاع بأدوار وساطة حيوية بين الدول ونزع فتيل التوترات وطيّ صفحة الخلافات وتبريد الأزمات الإقليمية والدولية، وثالثها تسليط الضوء على اتجاهات السياسة الخارجية الإماراتية بكل ما تمتلك من مكانة وقدرة على التأثير في المعادلات الأمنية والاستراتيجية الإقليمية والدولية، ورابعها حاجة الأسواق الدولية والمستثمرين والشركاء الاستراتيجيين إلى دولة الإمارات؛ للتعرف على الاتجاهات الاستراتيجية للدولة وأولوياتها في عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. ورغم أن هذه التوجهات تكاد تكون ثابتة بحكم ما تتسم به سياسات الدولة من استمرارية وثبات قدر الإمكان، وبالنظر إلى دور سموه في قيادة أمور الدولة خلال الفترة الماضية التي غيب المرض فيها الرئيس الراحل الشيخ خليفة؛ فإنه كان من الضروري إعادة تأكيد التوجهات والأولويات وتحديدها بدقة، بحكم المتعارف عليه سياسياً، وبحكم أن هناك مرحلة جديدة من الحكم تحتاج إلى تعريف عناوينها ومنطلقاتها وثوابتها وتوجهاتها الاستراتيجية الأساسية. وبشكل عام تنطوي الكلمة على أبعاد تحليلية يمكن الإشارة إليها في ما يلي:
يشير تحليل كمي نشرته وسائل الإعلام لكلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والتي اشتملت على نحو 792 كلمة، إلى جوانب جوهرية من الأهمية، ويسلط الضوء على بعض المعاني والدلالات الحيوية لمحتوى كلمة سموه، ومنها الكلمات الأكثر تكراراً، والتي تصدرتها كلمة “دولة” التي وردت في مواضع مختلفة من الكلمة وتكررت “29 مرة”، كما تكرر ذكر الإمارات “22 مرة”، وأشار سموه إلى مفردة “الاقتصاد” عشر مرات في كلمته، كما ذكر الرئيس الراحل الشيخ خليفة بن زايد، رحمه الله، أربع مرات، وذكر القائد المؤسس، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في كلمته “3 مرات”، وأتى على ذكر “العالم” (11 مرة)، و”الشعب” (10 مرات)، ووردت مفردة “تحقيق” (8 مرات)، وكلمة “المنطقة” (6 مرات)، ومفردة “خطط” (4 مرات)، ومفردة “الاتحاد” (4 مرات)، والحديث عن “الازدهار” (4 مرات)، و”البناء” (4 مرات)، و”الاستقرار” (4 مرات)، و”الشراكة” (3 مرات)، و”الثقة” (3 مرات)، و”المقيمون” (3 مرات). ولهذا التركيز التكراري على بعض المفردات والمفاهيم دلالات تتعلق بأولويات بعض الأمور؛ مثل الاقتصاد والإنجاز (تحقيق)، والعلاقات الدولية (العالم)، وشعب الإمارات (الشعب)، والعلاقات والاستقرار الإقليمي (المنطقة)، والتخطيط وبناء الشراكات وتحقيق الازدهار.
تكشف الكلمة عن جوانب مهمة في شخصية صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله؛ وفي مقدمتها الحرص التام على سيادة الدولة ومصالحها وأمنها واستقرارها، ولا شك أن انخراط سموه منذ بدايات حياته العملية في ممارسة العمل العسكري والسـياسـي قد أسهم مبكراً في أن تتشكل لديه رؤية استراتيجية شاملة وعميقة لأهمية الحفاظ على سيادة الدولة ومقومات أمنها واستقرارها؛ باعتبار ذلك مقومات لا غنى عنها لاستمرار مسيرة التنمية، فضلاً عن أن سموه يدرك جيداً عوامل الخطر والتهديد التي تموج بها البيئة الأمنية والاستراتيجية بالخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة؛ حيث لعب سموه دوراً رئيسياً بارزاً في التصدي لأحد أخطر التهديدات التي عصفت بعالمنا العربي في التاريخ المعاصر، ونجح -بمشاركة قادة دول شقيقة- في صون الأمن القومي العربي في مواجهة التخبط والاضطرابات العارمة، وانتشار الفوضـى وعدم الاستقرار، التي انتشرت كالنار في الهشـيم واجتاحت دولاً عربية شتى، ضمن ما يُعرف إعلامياً بـ”الربيع العربي”، وأثرت على استقرار شعوبها وأمنها، وأدت إلى فوضى إقليمية عارمة، وانهيار دول عربية عدة وتدمير البنى التحتية فيها، وتوغل الإرهاب والجماعات الإرهابية في أراضـيها. كما يبدو اهتمام سموه بمتطلبات الأمن والاستقرار من خلال خطط تطوير القوات المسلحة؛ حيث قاد سموه جهود تطوير قواتنا المسلحة طيلة السنوات الماضية، وقد تجلى هذا التطوير في الأداء البطولي لهذه القوات خلال جميع المشاركات الخارجية التي أسهمت فيها؛ حيث كان أداء وسلوك أفراد قواتنا المسلحة الباسلة، مبعث فخر واعتزاز ليس فقط لشعب الإمارات، وإنما للشعوب العربية والإسلامية قاطبة، حيث أثبتت أنها قوة احترافية قادرة على صون القيم والمبادئ، والدفاع عن مصالح وأمن واستقرار ومصالح الشعوب العربية، وتثبيت أسس الأمن والاستقرار في مناطق الأزمات والصراعات، وردع أي تهديد لأمن المنطقة واستقرارها، وكبح جماح أي أطماع خارجية. وقد سطَّرت القوات المسلحة لدولة الإمارات، خلال مشاركتها في اليمن، ملاحم إنسانية عظيمة باتت نموذجاً يدرس في التعامل الحضاري أثناء العمليات العسكرية بالتزامها بالمواثيق الدولية وقواعد الاشتباك المتفقة مع القانون الدولي الإنساني، كما قادت عملية تأمين وصول المساعدات الإنسانية وتكفلت بإيصالها إلى مختلف المناطق وأخلت آلاف الجرحى من مختلف المحافظات للعلاج في خارج اليمن، كما أشرفت على عملية تأمين وصول فرق الهلال الأحمر الإماراتي والمنظمات الإنسانية العاملة إلى مناطق الصراع؛ للتعرف على احتياجات الناس والإسهام في إعادة تأهيل القطاعات الخدمية.. كما قدمت المساعدات الإغاثية العاجلة في المناطق المحررة إلى جانب فتح الطرقات والمعابر الآمنة وتمشيط المناطق ونزع الألغام والعبوات الناسفة التي تعيق تحركات المدنيين وتهدد حياتهم بالخطر.
وقد كان للدور الإنساني والإغاثي الذي قامت به القوات المسلحة في اليمن عظيم الأثر في التخفيف من معاناة الشعب اليمني الشقيق؛ خصوصاً أن هذا الدور قد تكامل مع الجهود والمبادرات التي تقوم بها الجهات والجمعيات الخيرية الإماراتية، التي لعبت دوراً إيجابياً بارزاً ولا تزال؛ كهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، بجانب مؤسسات زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة سلطان بن خليفة آل نهيان الإنسانية والعلمية، وسقيا الإمارات، والرحمة للأعمال الخيرية، وبيت الشارقة الخيري.. وغيرها من مؤسسات وجمعيات الدولة الإنسانية؛ حيث ساعدت القوات المسلحة هذه الجمعيات والهيئات الخيرية على القيام بدورها الإنساني في اليمن على الوجه الأكمل.

يكشف اعتزاز صاحب السمو رئيس الدولة وفخره بشعب الإمارات، عن البعد الوطني والروابط القوية التي تجمع بينه وبين أفراد الشعب؛ وهي أمور أسهمت في صياغة رؤية سموه للمواطنة في دولة الإمارات، ورغم أن الإنسان يمثل أولوية مطلقة لدى القيادة الرشيدة في الإمارات منذ تأسيس الدولة؛ فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قد شكَّل وصاغ مفهوماً ذاتياً خاصاً للاهتمام بالإنسان ورعايته؛ حيث وضع معياراً إنسانياً عميقاً يؤطر هذه الأولوية ويحدد معالمها من خلال صياغة مسؤولية الدولة تجاه مواطنيها؛ حيث أسَّس سموه لمفهوم “عظم الرقبة” كمعيار للتعبير عن شعور سموه بمواطني دولة الإمارات، واضعاً أساس النموذج الإماراتي الخاص بـ”المواطنة” وعلاقة الدولة بمواطنيها. وهذا التعبير الشهير هو الذي ورد على لسان سموه أثناء أدائه واجب العزاء في أحد شهداء دولة الإمارات باليمن الشقيق؛ حيث أكد سموه لذوي الشهيد “أخوك (الشهيد) وانتو عيالكم كلكم عظم رقبة”، مؤكداً الأساس الذي تقوم عليه العلاقة الراسخة بين القيادة والشعب وبين الدولة ومواطنيها؛ فهي علاقة قائمة على رباط قوي لا ينفصم، وهنا يتضح أن سموه ينظر إلى الشعب لا من منظور سياسي تقليدي؛ بل من منظور عائلي وأُسـري، نابع من فكرة “عظم الرقبة”، بكل ما يتطلبه الأمر من استحقاقات والتزامات تجري عادة بين الأهل وذوي القربى وصلات الدم.
يلاحظ التوافق والتماهي التام بين مضمون كلمة سموه، والأهداف الطموحة المتضمنة في وثيقة الخمسين، التي تتضمن عشرة مبادئ؛ لا سيما في ما يتعلق بالتركيز بشكل كامل خلال الفترة المقبلة على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، واعتبار التنمية الاقتصادية للدولة هي المصلحة الوطنية الأعلى، وأن السياسة الخارجية لدولة الإمارات هي أداة لخدمة الأهداف الوطنية العليا؛ وعلى رأسها المصالح الاقتصادية لدولة الإمارات، كون “هدف السياسة هو خدمة الاقتصاد وهدف الاقتصاد هو توفير أفضل حياة لشعب الإمارات”، وأن “حسن الجوار أساس للاستقرار”.
تعكس الكلمة عزم صاحب السمو رئيس الدولة على مواصلة سياسة تنويع الشراكات وتوسيع دائرة الصداقات، بما يعكس تنوع السياسة الخارجية لدولة الإمارات وحرصها على امتلاك علاقات قوية مع دول العالم والقوى الدولية والإقليمية كافة، في استمرار لنهج الإمارات الخاص بتوسيع شبكة علاقاتها الدولية والاستفادة من موارد قوتها الناعمة، وقدرتها على بناء التوازن الصعب بين الشركاء والفرقاء. ومواصلة السياسات القائمة على نشر التسامح والاعتدال والتعايش؛ حيث لعبت هذه السياسات دوراً مهماً في احتواء خطر التطرف والتشدد والإرهاب، والترويج لنموذج التعايش الإماراتي القائم على الانفتاح وقبول الآخر، بكل ما يمتلك من جاذبية وقدرة على توفير الأجواء اللازمة للتنمية وصناعة نموذج العيش الذي يحلم به ويطمح إليه ملايين الشباب في المنطقة العربية والعالم.
يعبر اعتزاز صاحب السمو رئيس الدولة بدور الشباب، عن كونه رائداً للتحديث والنهضة في دولة الإمارات؛ حيث نجح سموه -من خلال الرهان على المواطنة والكوادر من الشباب والاستثمار فيها- في العبور بالدولة إلى أجواء التنافسية العالمية في القرن الحادي والعشرين من خلال سلسلة متلاحقة ومتنوعة من الإنجازات التنموية الكبرى في مختلف المجالات: استكشاف الفضاء، الطاقة النووية السلمية، اقتصاد المعرفة، التحول الرقمي، التكنولوجيا المتقدمة، الطاقة المتجددة، البنى التحتية، وقد حقق سموه بموازاة ذلك كله طفرة هائلة في بناء الوعي الوطني لدى أجيال الشباب من خلال برنامج الخدمة الوطنية في القوات المسلحة؛ ما أحدث نقلة نوعية بالغة الأهمية في تشكيل وتكوين وعي الشباب الإماراتي بأجندة وطنه والتحديات التي تواجه دولته وشعبه.

يكشف حرص سموه في كلمته على مواصلة دور الإمارات الإنساني والإغاثي العالمي الرائد، عن جانب مهم من شخصية سموه، واهتمامه العميق بالمبادرات الإنسانية؛ حيث أسهم سموه في تعزيز الجهود الدولية لاستئصال الأمراض المعدية، مثل الملاريا ودودة غينيا وغيرهما من الأوبئة الفتاكة. ووفقاً لما تم الإعلان عنه وما هو متوفر من أرقام، فقد بلغت تبرعات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد لدعم جهود الصحة العالمية الموجَّهة أساساً للأطفال، خلال أقل من 5 سنوات، نحو 235 مليون دولار خُصص منها 167 مليون دولار دعماً لجهود استئصال مرض شلل الأطفال، و30 مليون دولار لدعم جهود القضاء على مرض الملاريا، كما عززت مبادرات الشيخ محمد بن زايد قدرات هيئة الهلال الأحمر الإماراتي؛ حتى أصبحت واحدة من المنظمات الإنسانية الفاعلة والمؤثرة إقليمياً ودولياً ومكنتها من ترقية وتطوير أنشطتها وتعزيز مسيرتها الإنسانية، وخلال ذروة تفشي فيروس “كورونا” عالمياً، كما انطوت مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الخاصة بتحصين ملايين الأطفال الباكستانيين ضد مرض شلل الأطفال، على أهمية كبيرة؛ ليس فقط لأنها تعكس الوجه الإنساني لدولة الإمارات، وتمثل ترجمة ميدانية لتوجيهاتها بتعزيز الجهود العالمية الرامية للحد من انتشار الأوبئة والوقاية من التداعيات الصحية السلبية التي يعانيها الأطفال، وإنما أيضاً لأنها تجسيد واضح لالتزام دولة الإمارات العربية المتحدة بالنهج والمبادئ الإنسانية لمساعدة الشعوب المحتاجة والفقيرة وتطوير برامج التنمية البشرية، والاهتمام بسلامة صحة الإنسان وفئة الأطفال المحتاجين للرعاية الصحية الوقائية في مختلف دول العالم. وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد قدم منذ عام 2011 مبلغ 167 مليون دولار مساهمة من سموه في دعم الجهود العالمية لاستئصال مرض شلل الأطفال مع التركيز بشكل خاص على باكستان وأفغانستان. وقد عبرت تصريحات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بمناسبة انعقاد قمة اللقاحات في أبوظبي في أبريل 2013، عن حس إنساني عميق، وتجاوب كبير مع التحديات التي تهدد حياة الأطفال في العالم، حينما قال سموه: إن “إنقاذ الأطفال من أمراض يمكن الوقاية منها عمل إنساني عظيم، لا يتحقق إلا بتكاتف وتعاون الجميع، وأن دولة الإمارات تسعى دائماً إلى إقامة شراكات عالمية لحل هذه القضايا الدولية المهمة”. وأضاف سموه أن “الفرصة التاريخية لا تزال أمام العالم للقضاء كلياً على مرض شلل الأطفال، في ظل الانخفاض الكبير في حالات الإصابة بهذا المرض الموهن عالمياً، وأن المجتمع الدولي قادر في هذه اللحظة الحاسمة على مواجهة هذا التحدي للقضاء على مرض شلل الأطفال، وتحقيق منفعة دائمة للأجيال المقبلة. وقد نجحت حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال، التي نفذت في باكستان خلال الفترة من عام 2014 حتى نهاية 2018، في إعطاء 371 مليوناً و175 ألفاً و240 جرعة لأكثر من 57 مليون طفل.
وقد حظيت حملة الإمارات للتطعيم بدور استثنائي وأهمية خاصة في جهود القضاء على الوباء نهائياً؛ حيث يعد نجاح حملة الإمارات للتطعيم مؤشراً إيجابياً للحد من انتشار الفيروس ليس على مستوى باكستان؛ ولكن على مستوى العالم. وتؤكد الإحصاءات أن المساعدات الخارجية التي قدمتها دولة الإمارات خلال الفترة من 2010 وحتى 2021 قد بلغت نحو 206 مليارات و34 مليون درهم، بما يعادل 56.14 مليار دولار أمريكي. وحافظت دولة الإمارات على مدار الأعوام الماضية على ارتفاع نسبة مساعداتها الإنمائية قياساً إلى دخلها القومي الإجمالي، محققةً مرتبةً متقدمةً بين أعلى الجهات المانحة. وبذلك، حلَّت الإمارات في المرتبة الأولى لأعلى المانحين الدوليين للمساعدات الإنمائية مقارنةً بالدخل القومي الإجمالي لأربع مرات، كما جاءت في المرتبتَين الثانية والرابعة لبعض السنوات خلال الفترة نفسها. وأشار تقرير رسمي إلى أن المساعدات الخارجية الإماراتية تندرج ضمن 3 فئات رئيسية: تنموية وإنسانية وخيرية؛ حيث شكَّلت المساعدات التنموية نحو 87.7% من إجمالي المعونات الخارجية المقدمة، بينما حصلت فئتا المساعدات الإنسانية والخيرية على 9.9% و2.4%.. وقدمت نحو 59.1% من المساعدات الخارجية على شكل منح، بينما شكَّلت القروض الميسَّرة للدول النامية دفعة قوية لحافظة تمويلاتها الداخلية وبنسبة بلغت 40.9% من إجمالي مدفوعات المعونات التنموية. وبالنسبة إلى التوزيع الجغرافي للمساعدات الخارجية الإماراتية في الفترة بين 2010- 2021، أوضح التقرير أن إفريقيا تلقت ما يقرب من نصف الإجمالي، بينما حصلت الدول الآسيوية على 40%.

يمثل نهج سموه الذي تضمنته الكلمة التي وجهها إلى شعب الإمارات، ترجمة لمتطلبات تحقيق أهداف التنافسية العالمية؛ وفي مقدمتها تحقيق مستهدفات خطة مئوية الإمارات 2071، حيث يمثل هذا التحدي بعيد المدى رهاناً استثنائياً لدولة الإمارات بعد نجاحها الفائق في تحقيق أهداف رؤية 2021، وتتويج هذا النجاح بوصول “مسبار الأمل” الإماراتي إلى مداره حول المريخ، وإرسال أول رائد فضاء إماراتي وعربي إلى المريخ، وبدء تشغيل أولى محطات مشروع “براكة” للطاقة النووية المدنية لتوليد الكهرباء، فضلاً عن الكثير من النجاحات الكبرى في مجالات التعليم والثقافة والعلوم والصحة والاقتصاد وغيرها؛ حيث يستهدف التحدي المقبل أن تكون دولة الإمارات أفضل دول العالم وأكثرها تقدماً بحلول ذكرى المئوية الأولى لتأسيس الدولة، وذلك في عام 2071، من خلال خطة عمل طموحة وبعيدة المدى تنقسم إلى خمس مراحل؛ كل منها تشمل عشر سنوات، للوصول إلى أهداف محددة: (أفضل تعليم في العالم، أفضل اقتصاد في العالم، أفضل حكومة في العالم، أسعد شعب في العالم). والمؤكد أن كسب هذا التحدي هو الأهم بالنسبة إلى دولة الإمارات وشعبها؛ كونه تتويجاً للنجاح المرتقب في دخول مرحلة ما بعد النفط والاحتفال بتصدير آخر برميل نفط بعد خمسين عاماً كما وعد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
تضمنت كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، جانباً مهماً من الأمور المتعلقة بالحاضر والمستقبل معاً، حيث يحسب لسموه القدرة الفائقة على تحفيز شعبه، وغرس قيم الوفاء بين الأجيال الشابة، وهنا نشير إلى قول سموه “إن رهاننا الحقيقي في هذه الفترة، وعندنا خير، أن نستثمر كل إمكاناتنا في التعليم”، وفي المحاضرة العميقة لسموه في ختام فعاليات “مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل” في مارس 2017، دعا سموه أبناء الوطن من الطلاب إلى التسلح بالعلم والمعرفة، قائلاً: “إننا نريد من أبنائنا وطلابنا أن يتعلموا أفضل التقنيات في العالم؛ ليس أمامنا خيار إلا الاعتماد على النوعية؛ وسلاحنا الحقيقي هو العلم، ونريد أن ننافس بكم دول العالم، فطموحنا أن ننافس دول العالم المتقدمة التي حققت نجاحات في التنمية البشرية والتعليم والاقتصاد؛ مثل فنلندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية وسنغافورة”.
♦كاتب وإعلامي إماراتي